نظام تحرر الشعوب: نظام الـ KCK
إنّ فهم نظام الـKCK عن قرب مرتبط بفهم الشكل الذي أخذته الحاجة حسب المُنتج. فالتناقضات الأساسية للعالم الذي نعيش فيه كما أنّ حالة الحقد لدى الشرق الأوسط ووضع كردستان الدامي أصبحت سبباً لممارسة مجزرة بوحشية على الشعب والثقافات القديمة لعالمنا.
الإطاحة التي سببها الربح من العمل ليست ببعيد عن هذه المجازر. فبسبب نظام العمل الذي لم يكن من أجل تلبية حاجات المجتمع بل تم وضعه من أجل كسب الربح جعلتنا نعيش تحت ظلم كبير. ومن المستبعد أن تتراجع عن هذه المرحلة بل وصلت حتى لجلب الكوارث الطبيعية معها. اقتحمت بيوت البشرية دون أن تأخذ بعين الاعتبار الفرق والاختلاف في التناقضات البيئية والطبقية والجنسية والثقافية. الحضارة المدنية التي لا تجد نفسها جزءاً من الطبيعة إنما حاكماً عليها حيث تقوم بقطع الأشجار التي تلاقيها وبالتالي تهدم الطبيعة التي هي مقر معيشتنا وتجزئها وتفتح أبواباً لكوارث طبيعية. فالمرأة التي كانت في المرحلة الأرستقراطية كعبيدة يمارس عليها هنا أشد أنواع العبودية، تحولت لظاهرة تم خداعها واستُبعدت عن حقيقتها، وأضاعت تاريخها وهويتها. أو كمقولة القائد آبو التي تقول أنها لم تصبح مسألة شراء وبيع فقط إنما أوصلوها لحالة ملكة المادة حيث كانت تطبق العبودية على شخصية المرأة وحيناً بعد حين تمّ انتشارها في المجتمع. المرأة المبدعة للحياة تتحول من خلال الحداثة الرأسمالية إلى السلاح الأكبر للنظام الذي يقضي على المجتمع. فهذا الموقف المؤلم يتم مشاهدته في مجالات الحياة بكافة أبعاده. فرؤية حقيقة الحضارة المدنية في يومنا هذا في جميع الأوطان والقارات وفي كافة الشعوب والثقافات هي حضارة مبنية على الفساد ودمار ما حولها. فبشكل عام في الشرق الأوسط وبخاصة في كردستان ومن خلال تناقضات آلاف السنين التي دخلت عصرنا أصبحت منطقة خاضعة لفساد النظام الرأسمالي بأشدِّ أنواع العيش. حيث تمّ تطبيق شكل انعكاس الذهنية الاقتصادية المبنيّة عل أساس العمل، والسياسة المبنيّة على أساس السلطة في التعصب العرقي للدولة القومية. كما شوهدت ظاهرة إبادة ودمار مجتمعي لم يشهده أي مكان آخر. تمّت تجزئة الشعب الكردي وتعرّض لكافة أنواع الإبادة، فأصبح بلا ذاكرة، بلا تنظيم، بلا قائد، بلا عقل، وبدون حماية. أي أصبح من الصعب معرفة ما إذا كانوا أحياءاً أم أمواتاً.
إنّ مرحلة الإبادة هذه التي تعرّض لها الشعب الكردي في القرن العشرين تمّ الاتفاق عليه دولياً. ففي الحقيقة تمّ احتساب الشعب الكردي وكأنه غير موجود، كما تمّ الاتفاق على الإبادات التي مارستها الدول القومية المستعمرة على الشعب الكردي بشكل رسمي وفعلي. وعلى رأسها الناتو والأمم المتحدة التي وافقت على سياسات الإبادة التي قامت بها الدول المستعمرة في جميع المؤسسات والتحالفات الدولية وأقرت على تنفيذها. فلم يقتصر النظام على الموافقة على تنفيذ سياسات الإبادة على الشعب الكردي فقط بل قاموا بأكثر من ذلك.
ولهذا السبب ظهرت تحديات الكورد ضد هذه الأوضاع، حيث لم تواجه القوى المستعمرة فقط بل اصطدمت في الوقت نفسه بالنظام الرأسمالي الدولي. كما تراجعوا للخلف بسبب العوائق والصعوبات وتعرضهم للخداع. فمن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى سقوط انتفاضة الكورد، القوى العظمى للحداثة الرأسمالية. كما أنّ مساندتهم للأنظمة المستبدة أصبحت سبباً أساسياً لسقوط الأكراد. فمن ناحية قامت هذه القوى ومن أجل استمرار عملية الإبادة ببذل قصارى جهودها لكي تعيق الاحتجاجات والانتفاضات التي قام بها الكورد، ومن ناحية أخرى قاموا بجعلهم كأعضاء للنظام وبهذا الشكل يستمرون في جعل الكورد كسلاح في أيديهم. فعندما يحين الوقت من أجل أخذ الرشوة، وبيع بيوتهم، وتطبيق أقوالهم، وأخذ الدعم السياسي، ونتيجة أسباب أخرى قاموا بتنفيذ مشكلة الكورد ضد هذه القوى المستعمرة. حيث كانوا يهدفون إلى جعل منطقتنا مرتبطة بالكرد ونجحوا في ذلك، وقاموا بإبادة شعوب المنطقة الذين عاشوامع بعضهم بشكل مشترك خلال آلاف السنين وذلك من خلال محاربتهم بسياسات التعصب العرقي والديني والمذهبي، حيث كان الشرق الأوسط دائماً في حالة تدخل. لم يتم وضع مجال للفكر والإدارة. كما أنّه لم يتم وضع حد للخروج عن الفكر والتنظيم وأساليب النظام الرأسمالي، ومن تطوير أنظمة الفكر لديها وأساليبها التنظيمية ونموذج سياستها. تمّ ربط الفكر دائماً بالحيوية، كما تمّ تقديس شهادات وأدوات الحداثة الرأسمالية بشكل تنظيمي وسياسي أحياناً تحت اسم المؤيدين وأحياناً أخرى تحت اسم المعارضين. فمصطلح الدولة يأتي على رأس هذه المصطلحات المقدسة، حيث يمارس معها كلٌ من التعصب العرقي والتعصب الديني في الوقت نفسه. كما يتمّ خلق التعصب الجنسي دائماً كنتيجة. فإذا ما كان ذلك كثيراً في المنطقة فيتم وضع انتخاب خارج النظام الرأسمالي الذي لا يتم في مركزها الضغط والاستعمار والشدة والعبودية الرأسمالية، فقدر الشعب الكردي دائماً الاضطهاد. الشعب الكردي الذي تمّ الإقرار على إبادته دولياً كانت تتمّ محاسبته في كل محاولة له في الخروج عن هذه القرارت التي أصدرت ضده. فكل مجتمع يستطيع العيش وفقاً للقانونين المرتبطة بالنظام لكن لم يطبق هذا على الكرد، كما أنّه لم يتم وضع قانون لمرحلة الإبادة التي يقومون بها. فها هنا نظام الـKCK في نضاله من أجل العيش والاستقلال والنجاح يحرز تقدماً كبيراً في مواجهة مرحلة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الكردي.
إنّ نظام الـ KCK هو نظام حل المشكلات المجتمعية والتاريخية. نظام الـ KCK هو النظام الذي يتنبأ بتنظيم المجتمع الديمقراطي ويبيّن تصحيح العلاقات ما بين الدولة والديمقراطية أو ما بين المجتمعات الديمقراطية، كما أنّه يتنبأ بالذاتية والإرادة المنظمة، ويسير على أساس علاقة ديمقراطية مبنيّة على مبدأ الانضمام الحر والعادل. ولهذا فإنّ نظام الـ KCK هو تنظيم حياة اجتماعية حرة عادلة ومنظمة وذات إرادة. فالشخص الذي طوّر تعريف ونظرية نظام الـ KCK وأوصلها لموديل نموذج الحل ووضعها قيد النقاش هو القائد عبدالله أوجلان. حيث أنّ نظام الـKCK يعتبر كبناء سياسي وتنظيمي للأمة الديمقراطية التي ستكون حلاً للمشاكل المجتمعية وخاصة في وجه إصلاح الدولة القومية التي قامت بإبادة المجتمع. كما أنّ نظام الـKCK هو رد في وجه الحداثة الرأسمالية لتحل محلها الحداثة الديمقراطية. ففي نظام الـ KCK تتمّ نقاشات وأعمال مهمة كثيراً بشكل أفضل من حيث الفهم والقول. فالمشكلات المجتمعية التي يمارسها نظام الدولة خلال خمسة آلاف سنة تكون في مرحلة التسرطن، كما أنه قام بوضع مجتمع الناس في حالة حرجة جداً حيث لم يستطع أن يتحمل هذه المسؤولية. فمن أجل حل مشكلات الشعب التي كان سببها النظام القومي لا توجد مشاريع حل جدية. فالنماذج التي تعرض تحت عنوان إيجاد الحل... ومن جانب آخر فإنّ المشاكل الاجتماعية التي تشكلت وصلت لمرحلة عدم قدرة الإنسان على تحملها. بمعنى إمّا أنّ الإنسانية تجد حلاً للمشكلات أو أنها ستبقى تحت عبء هذه المشاكل. فمن ذاك الجانب فلا يمكن العيش بدون إيجاد حل للمشكلات أو تراجع الحل أو الحلول غير الكافية. فالبشرية ملزمة على أن" إمّا أنها سَتُنحَل أو سَتَنحَل" وهذا بدوره يكون عبارة عن بحث لحل مشاكل المجتمع.
إنّ نظام الـ KCK يشمل تطبيق الإرادة الحرة والمستقلة للإنسانية والمجتمع بشكل تنظيمي. إنّ الذهنية والسلوك الحر والمستقل ينبّئ التوحيد والتلاحم. ومن هذا نجد أنّ نظام الـKCK هو نظام طالب للحرية والاستقلال، ولكن بالطبع لايعني الاستقلال والحرية الانفصال والتفكك والتصغير والعزل، بل تعني الوحدة والتداخل والعمل بشكل مشترك. ولهذا بإمكان المرء أن يعرّف الإدارة الذاتية التي تطبق الحرية والاستقلالية وفقاً لمبدأ الوحدة والاجتماع. فنظام الـKCK ليس نظاماً استقلالياً يدّعي الانقسام وقيام دولة مستقلة، كما أنّه لا يهدف لنظام ذاتي ثقافي وقومي من أجل حرية ثقافة ولغة. كما أنّه ليس نظام ديمقراطي ذاتي توجد الحل لمنطقة ما، وفي نفس الوقت ليس نظاماً اشتراكياً حقيقياً أو الحل السوفييتي الذي يقدم حلولاً للمشاكل الاقتصادية المجتمعية. وبلا شك فإنّ نظام الـ KCK ليس أياً من هذه الأنظمة لكنّ أبعاده الذاتية ليست خارج هذه الأنظمة لكنّه بعيد كل البعد عن هذه الأنظمة. ولهذا فبإمكان المرء أن يعرّف نظام الـKCK كنظام لحل المشكلات "وعلى رأسها مشكلة الكورد" حيث يقوم هذا النظام بنقد المشكلات الاجتماعية التي تحدث في يومنا ومن أجل إيجاد الحل تأخذ الجوانب المفيدة وتقوم بخلق تركيب جديد.
إنّ مشكلة الكورد هي مشكلة تتسم بالضعف حيث أنّ أشكال ونماذج الحلول المتنوعة لا تكفيها بل هي بحاجة لنموذج حل يجمعهم ببعضهم. فها هو نظام ونموذج الـKCK ظهر كنتيجة لهذا الوضع. فالفرق والاختلاف الرئيسي بين الأنظمة الأخرى ونظام الـKCK هو أن كافة الأنظمة التي كانت قبلها كانت تسير على مبدأ نموذج الدولة، ففي نظام الدولة إيجاد الحل غير ممكن. أمّا بالنسبة لنموذج نظام الـ KCK فيختلف اختلافاً جذرياً عن باقي النماذج، فهو لا يسير وفق مبدأ نموذج الدولة بل على مبدأ نموذج الديمقراطية. وبهذا الشكل نجد أنّ النموذج الذي يتّبعه نظام الـKCK مختلف عن نماذج الحل الأخرى. وبالطبع فالسبب الأساسي لعدم وجود حل لبقية النماذج هو ارتباطها الوثيق بنموذج الدولة. من الأساس، المشاكل التي لم تستطع النماذج الأخرى إيجاد الحلول لها ولكن نظام الـKCK استطاع إيجاد الحل النموذج الديمقراطي للحل. ولأنّ نظام الـKCK التحم بالديمقراطية أي أنّه شكّل علاقة وثيقة بمصطلح الحرية والمساواة ولهذا السبب اكتسب قوة وبناءاً قادراً على إيجاد الحل لكافة أنواع المشكلات، ومن ناحية طلب الاستقلال التي تفتح باب الإنفصال، فإنها تجتازها وتعتمد الوحدة أساس لها.
ومن هذا الجانب ظهر نظام الـKCK نتيجة لحل المشكلات المجتمعية وتصحيح الأنظمة التي ظهرت كنماذج لإيجاد الحلول، وكقوة للحل وكالحل البديل وإرادة الحل. وثانياً فهي بالطبع مختلفة عن نماذج الحل الأخرى ولكنّها ليست بعيدة كلياً عنها، حيث تقوم بأخذ جوانبها الإيجابية وتقوم بمعالجتها وتشكيل تركيب جديد منها. وثالثاً فهو يختلف عن البعد النموذجي، حيث تقوم النماذج الأخرى بحل المشكلات المجتمعية وفقاً لمبدأ نموذج الدولة أمّا نظام الـKCK يقوم بحل كافة المشكلات المجتمعية والديمقراطية والذاتية وفقاً لنموذج الديمقراطية. وبهذه الخصائص التي يتمتع بها نظام الـKCK فهو يعتبر نموذج حل مجتمعي وسياسي لكافة النماذج الأخرى. قبل كل شيء تطور هذا من أجل حل المشكلة الكردية. فهو يتميز بخصائص تجعله قادراً على إيجاد حل لمشكلة الكورد التي أصبحت المشكلة الأكثر ضعفاً وصعوبة للإنسانية، كما أنه قادر على إيجاد حل للمشكلات الأخرى. تمارس في كردستان الإبادة التي تعتمد على الصهر منذ حوالي مئة سنة حيث أصبح مستوى قتل الإنسانية إحدى المشاكل المجتمعية الأكثر صعوبة والتي طورها نظام الدولة حتى تطال الكل. كانت الإنسانية شاهدةً على الإبادات التي حدثت في العالم، ولكنّ لم يشهد أحد على عمليات الإبادة والصهر التي تمت ممارستها على الشعب الكردي على مرّ مئات السنين. إنّ نموذج نظام الإبادة التي تمارس على الكورد والتي تتعدى نموذج الإبادة الاجتماعية التي طورتها الحداثة الرأسمالية تُظهر كافة همجيتها على مستوىً عالٍ. ففي يومنا هذا تعتبر المشكلة الأكثر تفاقماً احتوائها على نظام الرأسمالية. ومن هذا الجانب نموذج بإمكانه حل المشكلة الكردية، وفي الوقت نفسه بإمكانه أن يصبح نظاماً يعالج المشكلات المجتمعية التي يسببها نظام الدولة. عندما طوّر القائد عبدالله أوجلان نظام الـKCK ففي البداية طورها من أجل أن تصبح نموذج حلٍ للمشكلة الكردية. حيث طور كل من تعريفها ونظريتها وكيفية تنفيذها على مبدأ حل المشكلة الكردية. لكن وفقاً للمخطط العام نجد أن نظام الـKCK ليس نموذجاً لإيجاد حل للمشكلة الكردية فقط أو عائد للكورد وأبعاد كردستان فقط. فنظام يمكنه إيجاد حل للمشكلة الكردية بالطبع يكون قادراً على بناء قوة وإرادة للحل لجيمع المشكلات المجتمعية لنظام الدولة في يومنا هذا، كما أنه نموذج قادرٌ على إيجاد حل لجميع المشكلات المجتمعية الأساسية التي تعاني منها الإنسانية. أي أنّه نموذج يجد الحلول لمشكلات المرأة، أي أنه نموذج للديمقراطية، ونموذج لحل مشكلات العمال، ونموذج لحل المشاكل الاقتصادية للمجتمع التي عاشتها في النظام الدولي. كما أنه ليس حلاً للمشكلات الطبيعة والاجتماعية فقط إنّما هو نموذج لحل المشكلات البيئية للطبيعة الأولى التي تعرضت للدمار. كما أنّه نموذج لحل المشكلات المجتمعية كالتدريب والصحة التي تشغل الإنسانية في يومنا هذا، وهو نموذج لحل المشكلات السياسية والدبلوماسية والحقوقية. ويعتبر نموذج دعمٍ وحماية وتَقدُّم بنّاء لعالم فُقدت سياسته وأخلاقه المجتمعية وتم تسخيرها من أجل المصلحة. كما أنّه نموذج لحل المشكلة الأمنية ومشكلة الدفاع الذاتي للمجتمع. وخاصة الجيوش التي تطورت تحت عنوان الحماية أصبحت مركزاً للتقدم في النظام الدولي، حيث أن هذا هو أساس الظلم والاستعمار. فحقيقة كافة المشاكل المجتمعية التي تخضع لنظام مستعمر لا يمكن مناقشتها. ولهذا فإنّ أهم الأبعاد التي تحرر المجتمع من هذه المشكلات التي حدثت هي قوتها الكامنة ودفاعها عن نفسها. ظهر نظام الـKCK من أجل الاقتصاد الذي شكّله نظام الدولة ولحل كافة مشكلات المجتمع في جميع ساحات الحياة. ومن هذا الجانب فكما يتصف بقوة إيجاد الحل للمشكلة الكردية فهو بنفس الوقت قادر على حل كافة المشكلات المجتمعية. كما أنّه يتميز بقدرته على إصلاح مجتمع ديمقراطي يعالج ويحل مشكلة المرأة ويجعلها ذات إرادة حرة ومنظمة ووضعها في المكان الذي تستحقه. كما أنه قادر على حل مشكلات الأقلية القومية والمشاكل التي تواجه العيش بشكل حر وباللغة الأم. ويمتلك هذا النظام قوة لحل مشكلات العمال الذين واجهوا ظلماً من قبل المستعمرين، وقوة تعالج المشاكل البيئية. وبهذا فإنّ نظام الـKCK يمتلك قوة لحل كافة المشكلات المجتمعية ولهذا فالبديل من الإبادة المجتمعية التي شكّلتها الحداثة الرأسمالية هو بناء المجتمع الديمقراطي. فهذا النظام ليس محصوراً في حل المشكلات المجتمعية في كردستان بل في حل المشكلات المجتمعية لكافة المجتمعات في العالم. وبالتالي فهو لا يكون نظاماً محلياً إنما هو نظام حلٍ عالمي.
فالنظام الدولي وخاصة نظام الحداثة الرأسمالية يستخدم كافة الأساليب من أجل السيطرة على المجتمع وتجريده من مضمونه ودبّ الفوضى فيه، حيث تستخدم كافة القوى التقنية والإعلامية لتوصل الشعب لحالة من اللاتفكير وعدم التنظيم وتبعدهم عن حقيقتهم. فقبل كل شيء يجب إيقاف هذا الحالة من الناحية الذهنية ومن الناحية التنظيمية والحياة العملية. فعلى كافة المجتمع وعلى رأسها المرأة والشباب ترك هذه الحالة التي زرعتها الحداثة الرأسمالية فيهم، كما يجب التخلي عن الفوضى والعمل على تطوير تنظيم المجتمع الديمقراطي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والحقوقية والدفاعية. حيث يعتبر استرجاع ذهنية المجتمع وتنظيمه داءاً. أي بمعنى أنه يجب بناء تنظيم المجتمع الديمقراطي. وبالتالي بناء وتطوير تنظيم المجتمع الديمقراطي على مبدأ نظام الكونفدرالية الديمقراطية ولهذا فمن أجل تنظيم المجتمع وتحرره يجب إيجاد حل مشكلاتهم، فإذا ما لم يتم ذلك لن تتحقق الديمقراطية الذاتية. وإذا ما لم تتم ديمقراطية المجتمع فلن تتحقق الديمقراطية الذاتية. كما أن علاقة المجتمع بالدولة لن تصحح مالم يصل المجتمع لإرادة. ولهذا فإذا لم ينفذ المجتمع الديمقراطي ويتم بناء الكونفدرالية الديمقراطية فلن يتطور الحل للديمقراطية الذاتية.
وعلى هذا النحو يجب بدايةً بناء تطورات وتغيرات جدية وجذرية في السلوك المجتمعي كما يجب على كافة المجتمع تنفيذ التنظيم والذهنية الديمقراطية، إضافة لتشكيل انضمام تنظيمي وذهني في الحياة المجتمعية لنظام الكونفدرالية الديمقراطية وبشكل خاص فإنّ الانضمام الفعلي للمرأة والشباب للتنظيم يعتبر أساساً، فالتقدم التحرري والديمقراطي مرتبط بهذا. يوجد تعريف عام يقول: "إنّ مستوى تحرر المجتمع مرتبط بمستوى تنظيم وانضمام المرأة أي مستوى تحررها". وبالتالي فعلى المرء تحرر نفسه من الوضع الذي فيه والبدء بتنمية ذهنيته وتنظيم نفسه، والعيش على مستوى تنظيمي يحقق الحياة الحرة والديمقراطية، وكذلك نفس الأمر بالنسبة للشباب. المرأة تعبر عن مستوى خط الحرية فعندما يتم التحكم بذلك فبلا شك أنّ الشباب سيبدأ بخلق قوة فعالة وتجديداً. كما أنّ هذا النظام يعبر عن السلوك الإنساني للحياة الديمقراطية والعادلة والحرة. ووفقاً لتطبيق مبدأ نظام الكونفدرالية الديمقراطية وتطوير هذه الذهنية وهذا التنظيم وظهور المجتمع الديمقراطي كالمجتمع الديمقراطي الكونفدرالي له دور كبير في تشكيل الذاتية الديمقراطية.
إنّ نظام الـKCK يتنبأ من خلال نضاله تراجع وتضيق وتقييد حقيقة الدولة القومية. ففي يومنا هذا أصبحت الدولة مسيطرة على كل شيء وأبعدت المجتمع عن كل شيء وجعلته مبهماً. أرادت الدولة السيطرة بشكل كامل على كل مجالات الحياة، حيث تم استبعاد المجتمع كلياً عن الحياة وجعله في حالة عبودية. وبهذا تتمّ إزالة المجتمع أي بمعنى إبادته. حيث تمّ تعويض إبادات العصر البدائي للتعصب العرقي بإبادة المجتمع التي ظهرت في المرحلة الأخيرة من الحداثة الرأسمالية وطبقت على كافة المجتمعات الموجودة في جميع بقاع العالم. فالدولة تقوم برسم وتشكيل الروح والفكر والإحساس وكل خصائص الفرد، كما أنّها تقوم ببناء الذهنية والثقافة واللغة والتنظيم والحياة المجتمعية.
يقال " أنا أوضّح كل شيء ولا أحد يستطيع التدخل بي". فهذه المقولة تمحو المجتمع وتحل محله. وبالطبع لا يمكن للمرء في مثل هذه الحالة التكلم عن الديمقراطية والحرية والمساواة والإنسانية والأخوة. فمثل هذه الحالة الفاشية والاستبدادية أشد وأقسى أنواع الإبادات. وبلا شك فأي مكان توجد فيه الدولة بهذا الشكل ستكون المشاكل الاجتماعية في متفاقمة وفي أقسى حالاتها. فكما تطبق الإبادة المجتمعية تحت الضغط والإجبار فسوف تطبق إبادة الطبيعة أيضاً. وبخاصة النقطة التي وصلنا إليها اليوم حيث تطبق إبادة المجتمع من جهة ومن جهة أخر إبادة الطبيعة بأعلى مستوياتها، ففي كثير من المناطق يحتسب أن يمكن أن يحدث قريباً. وهذا وضع أشبه بالهلاك. فلم يصل نظام الدولة في أي عصر تاريخي لمثل هذه المرحلة. فذهنية الدولة القومية الموجودة وبناء الدولة القومية التي طورتها الحداثة الرأسمالية لا تتناسب مع نظام الدولة. وعدم الانصياع لها يعبر عن اختلاف. فلكي يستطيع المرء اقتلاع المشكلات التي تهدد الطبيعة والمجتمع والعيش بحريّة يكون مضطراً لتقييد وتضييق نظام الدولة الفاشي.
ولهذا تتطلب الحاجة لنضال قادر على تقييد وتضييق نظام الدولة وإبعاده عن إبادة المجتمع. وبهذا الشكل تستطيع الدولة أن تمارس دوراً ووظيفة فعالة في الدفاع الأمني بشكله الصحيح، كما أنّها من خلال الديمقراطية تصل لحالة من التواضع وتكتسب بناءاً يتوافق مع المجتمع الديمقراطي ويفهم على بعضه ويقسم الواجبات بين بعضه. ولهذا يتطلب القيام بكفاح ضد نظام الدولة القومية الفاشية السلطوية. وبهذا النضال والكفاح يتمّ تقييد نظام الدولة القومية. وهذا هو السبب الأساسي لتشكيل نظام الـKCK .
فمن أجل أن يستطيع المرء تطوير نظام الـKCK يستوجب بدايةً تنظيم المجتمع الديمقراطي. ثانياً يستوجب النضال في وجه بناء الدولة القومية والعمل على تقييد الدولة وإخضاعها للديمقراطية. أي أنّها تهدف على جعل الدولة تقبل حقيقة المجتمع الديمقراطي وتوافقها. فتنفيذ الديمقراطية الذاتية التي تتنبؤها نظام الـKCK يتمّ بذلك. ومن منظور آخر فإنّ تطور نظام الـKCK يأتي بمعنى: ممارسة النضال من أجل تطوير تنظيم المجتمع الديمقراطي من جهة، ومن جهة أخرى ممارسة النضال من أجل إضعاف وتقييد الدولة أمام الديمقراطية. أي بمعنى النضال والتدريب والدعاية الإيديولوجيّة الواسعة لعمل تنظيم المجتمع الديمقراطي. فمن أجل تطوير التنظيم والذهنية الديمقراطية من الاقتصاد حتى السياسة ومن الثقافة إلى كل مجالات المجتمع يجب بناء الحماية الذاتية للمجتمع بحيث يكون المجتمع قادراً على حماية نفسه بنفسه، كما يجب ممارسة نضال ديمقراطي وسياسي متعدد الجوانب وفعال ضد بناء الدولة القومية وتقييد الدولة. النضال الإيديولوجي يأتي بمعنى الدعاية والتدريب، فعلى المرأة والشباب أن يقوموا بتطبيق التنظيم الديمقراطي لكافة أنحاء المجتمع، وهذا يأتي بمعنى إنشاء الكونفدرالية الديمقراطية. فالنضال السياسي يأتي بمعنى تصغير وتضييق الدولة وإخضاع المجتمع السياسي للعمل. وإذا تطلب الأمر فإنّ هذا النضال يقوم بتطوير نضال الدفاع الذاتي وتطوير المقاومة وتطوير نضال الدفاع المشروع. فنظام الـ KCK يعبر عن هكذا نضال فعال وذو تأثير. فمن أجل تطوير نظام الـKCK في الشرق الأوسط يجب على الكورد أن يمتلكوا الذهنية وينظموا أنفسهم ويسيّروا النضال. لأنّ نظام الشرق الأوسط تشكَّل على تقسيم كردستان وفرض الإبادة على المجتمع الكردي. التخلف واللاديمقراطية والاستبدادية والديكتاتوريين الفاشيين الذين تطورو في المنطقة اكتسبوا القوة من خلال السيطرة على كردستان وتدير لها ظهرها. ولهذا لا يحدث الدعم المجتمعي والوحدة الديمقراطية وأخوّة الشعوب. فمن أجل تطوير الديمقراطية في الشرق الأوسط وأخوة الشعوب وبناء الاتحاد الديمقراطي للشرق الأوسط يجب إيقاف الشرط الذي قسّم كردستان ووقف التخلف في كردستان. إنّ نظام التخلف الذي يعبر عن الضغط والظلم والإبادة المجتمعية الموجودة كان شديداً جداً في كردستان. وبالطبع فالذي سيطبق هذا هو المجتمع الكردي والنضال الديمقراطي والحرية والوطنية التي تطور المجتمع الكردي، أي بمعنى ثورة كردستان أي حركة التحرر الكردستانية. فإطاحة نظام الدولة القومية التي تمارس الإبادة المجتمعية على كردستان ولهذا فعندما ينتظم الكورد كأمة ديمقراطية وينضمون لحياة الشرق الأوسط ويقيمون علاقات أخوة مع المجتمعات الأخرى على مبدأ الحرية والمساواة فسوف يُطبق حل الديمقراطية الذاتية. فمثلما تكون كل من المرأة والشاب والعامل الكردي قادرون على تنظيم أنفسهم وبناء حياتهم الديمقراطية والحرة فسوف تتبنى إرادة وطنية على مبدأ الأمة الديمقراطية الكردية أي ببناء الكونفدرالية الديمقراطية لكردستان وهذه الإرادة تستطيع إيجاد حل للمشكلة الكردية. فمثلما يستطيعون تطبيق ذلك في كردستان فسيكونون قاردين على تطبيق ذلك خارج كردستان وذلك عن طريق الجماعات الكردية. فخارج كردستان أي كتركيا وإيران والعراق وسوريا وعلى مستوى الكرد المنتشرين في مناطق مختلفة في أوربا والشرق الأوسط قادرون على تطوير تنظيم المجتمع الديمقراطي. ولهذا فمن خلال بناء الإرادة الديمقراطية والحرة للكورد ستطور الديمقراطية وتوقف الاستبداد في المنطقة، كما ستلعب دوراً كبيراً كقوة ديمقراطية فتارة ستوقف التعصب العرقي لنظام الدولة القومية وتلعب دوراً في تطوير الديمقراطية وتارة أخرى ستبني علاقات ديمقراطية وعلاقات أخوّة مع المجتمعات التي تعيش مع بعضها.